سيرة خاتم النبيين
October 26, 2017شاعرالاسلام الدکتور محمد اقبال
October 26, 2017فقد كانت السيرة النبوية ـ على صاحبها الصلاة والسلام ـ المدرسة الأولى التي تعلم فيها مؤلف هذا الكتاب، وقد دخلها في سن مبكرة، لا يدخل فيها الأطفال في عامة الأحوال، والفضل في ذلك يرجع إلى الجو الذي كان يسود بيته وأسرته، فقد كانت السيرة تكون عنصراً أساسياً في الثقافة التي يلقاها أبناء الأسرة وأطفال البيت، وإلى المكتبة الصغيرة المؤلفة من منظوم ومنثور، التي تنتقل من يد إلى يد، ثم إلى تربية أخيه الأكبر الدكتور السيد عبد العلي الحسني، وتوجيهه الحكيم.
ثم لما صار يشدو باللغة العربية عكف على كتب السيرة، التي ألفت فيها، وكانت في مقدمتها (السيرة النبوية) لابن هشام، و(زاد المعاد في هدي خير العباد) لابن قيم الجوزية، ولم يدرسها دراسة علمية فحسب، بل عاش فيها زمناً طويلاً، يذوق بهما حلاوة الإيمان، ويغذي بما جاء فيهما من القصص والأخبار عاطفة الحب والحنان ـ ومن المقرر أن السيرة أقوى العناصر التربوية، وأكثرها تأثيراً في النفس والعقل بعد القرآن ـ ثم قرأ ما وصلت إليه يداه من كتب السيرة المؤلفة قديماً وحديثاً، وفي لغات أجنبية.
وكانت السيرة هي المادة الأولى التي يعتمد عليها في كتاباته ومحاضراته، يستمدّ منها القوة في البيان، والتأثير في العقول والقلوب، والدلائل القوية، والأمثلة البليغة لإثبات ما يريد إثباته. وهي التي كانت ولا تزال تفتّق قريحته، وتُشعل مواهبة، وما من كتابة ذات قيمة من كتاباته إلا وعليها مسحة من جمال السيرة، وفضل لدراستها والتأمل فيها.
وقد جمع ما كتب في جوانب السيرة المختلفة، وعظمة البعثة المحمدية وما ألقاه من محاضرات وأحاديث، في كتاب أسماه (الطريق إلى المدينة).
وقد عاش المؤلف هذه المدة الطويلة، وقد ألف عشرات من الكتب، لا يفكر في إفراد كتاب في السيرة النبوية، رغم أنه كان يشعر بمسيس الحاجة إلى كتاب يكتب بأسلوب عصري علمي، يستفاد فيه من خير ما كتب في القديم والحديث، مؤسساً على مصادر السيرة الأولى الأصلية، مطابقاً لما جاء في القرآن والسنة الصحيحة، لا يكتب بالأسلوب الموسوعي الحاشد للمعلومات من غير نقد وتمحيص، الأسلوب الذي اعتاده أكثر المؤلفين المتوسطين والمتأخرين، وقليل من المؤلفين المتقدمين والذي كان مثار كثير من التساؤلات، التي برأ الله السيرة الكريمة منها، وأغنى المسلمين عنها ـ قد نالته يد التنقيح والتحقيق، من غير تقليد للاتجاهات العصرين، وخضوع لكتابات المستشرقين، وأقوال المشككين متمشيا مع المقررات الدينية، التي تفهم في ضوئها الكتب السماوية، وسير الأنبياء، والمعجزات، والأخبار الغيبية، قائما على مبدأ سيرة نبي من الأنبياء، مبعوث من الله، مؤيد منه، لا سيرة عظيم من العظماء، أو زعيم من الزعماء، يسوغ أن يقدم إلى كل مثقف منصف من المسلمين وغير المسلمين من غير تحفظ أو استثناء، أو حاجة إلى تأويل يعتمد فيه المؤلف على الحوادث والوقائع، ومادة السيرة، ويدعها تنطق بلسانها، وتشق الطريق بنفسها إلى القلوب والعقول، أكثر مما يعتمد على فلسفته للحوادث، وتعليله للأخبار، ومقدماته الطويلة العريضة.
ثم يتجلّى فيه العقل والعاطفة جواراً بجوار، إذ لا بد منها في تذوق السيرة والاستفادة منها، وفهم قضاياها وأحكامها وحوادثها، فلا يكون فيه البحث العلمي والنقد التحليلي على حساب العاطفة والحب والإيمان، فإنه إذا تجرّد الكتاب من العاطفة والحب والإيمان، كان خشبياً مصنوعاً لا حياة فيه.
ثم لا يسع المؤلف في السيرة صرف النظر عن البيئة التي كان فيها وجودها وقيامها، وعن العصر الذي كان فيه طلوعها وبزوغها، فلا بد من وصف الجاهلية العالمية، الضاربة أطنابها في الأرض كلها في القرن السادس المسيحي.
والله أسأل أن ينفع بهذا الكتاب، وأن يتقبله تقبلاً حسناً وأن يجعله ذخراً للآخرة، ووسيلة لدراسة هذه السيرة الطاهرة، والاستزادة منها، والانتفاع بها، وكفى للمؤلف شكراً، وللكتاب قيمة إذا أثار كامن الحب والإيمان في نفس المؤمن، وانجذاباً في قلب أحد من غير المسلمين إلى هذه السيرة الطاهرة العطرة، حملته على دراسة الإسلام وتفهمه.
أبوالحسن علي الحسني الندوي (رحمه الله)
ثم لما صار يشدو باللغة العربية عكف على كتب السيرة، التي ألفت فيها، وكانت في مقدمتها (السيرة النبوية) لابن هشام، و(زاد المعاد في هدي خير العباد) لابن قيم الجوزية، ولم يدرسها دراسة علمية فحسب، بل عاش فيها زمناً طويلاً، يذوق بهما حلاوة الإيمان، ويغذي بما جاء فيهما من القصص والأخبار عاطفة الحب والحنان ـ ومن المقرر أن السيرة أقوى العناصر التربوية، وأكثرها تأثيراً في النفس والعقل بعد القرآن ـ ثم قرأ ما وصلت إليه يداه من كتب السيرة المؤلفة قديماً وحديثاً، وفي لغات أجنبية.
وكانت السيرة هي المادة الأولى التي يعتمد عليها في كتاباته ومحاضراته، يستمدّ منها القوة في البيان، والتأثير في العقول والقلوب، والدلائل القوية، والأمثلة البليغة لإثبات ما يريد إثباته. وهي التي كانت ولا تزال تفتّق قريحته، وتُشعل مواهبة، وما من كتابة ذات قيمة من كتاباته إلا وعليها مسحة من جمال السيرة، وفضل لدراستها والتأمل فيها.
وقد جمع ما كتب في جوانب السيرة المختلفة، وعظمة البعثة المحمدية وما ألقاه من محاضرات وأحاديث، في كتاب أسماه (الطريق إلى المدينة).
وقد عاش المؤلف هذه المدة الطويلة، وقد ألف عشرات من الكتب، لا يفكر في إفراد كتاب في السيرة النبوية، رغم أنه كان يشعر بمسيس الحاجة إلى كتاب يكتب بأسلوب عصري علمي، يستفاد فيه من خير ما كتب في القديم والحديث، مؤسساً على مصادر السيرة الأولى الأصلية، مطابقاً لما جاء في القرآن والسنة الصحيحة، لا يكتب بالأسلوب الموسوعي الحاشد للمعلومات من غير نقد وتمحيص، الأسلوب الذي اعتاده أكثر المؤلفين المتوسطين والمتأخرين، وقليل من المؤلفين المتقدمين والذي كان مثار كثير من التساؤلات، التي برأ الله السيرة الكريمة منها، وأغنى المسلمين عنها ـ قد نالته يد التنقيح والتحقيق، من غير تقليد للاتجاهات العصرين، وخضوع لكتابات المستشرقين، وأقوال المشككين متمشيا مع المقررات الدينية، التي تفهم في ضوئها الكتب السماوية، وسير الأنبياء، والمعجزات، والأخبار الغيبية، قائما على مبدأ سيرة نبي من الأنبياء، مبعوث من الله، مؤيد منه، لا سيرة عظيم من العظماء، أو زعيم من الزعماء، يسوغ أن يقدم إلى كل مثقف منصف من المسلمين وغير المسلمين من غير تحفظ أو استثناء، أو حاجة إلى تأويل يعتمد فيه المؤلف على الحوادث والوقائع، ومادة السيرة، ويدعها تنطق بلسانها، وتشق الطريق بنفسها إلى القلوب والعقول، أكثر مما يعتمد على فلسفته للحوادث، وتعليله للأخبار، ومقدماته الطويلة العريضة.
ثم يتجلّى فيه العقل والعاطفة جواراً بجوار، إذ لا بد منها في تذوق السيرة والاستفادة منها، وفهم قضاياها وأحكامها وحوادثها، فلا يكون فيه البحث العلمي والنقد التحليلي على حساب العاطفة والحب والإيمان، فإنه إذا تجرّد الكتاب من العاطفة والحب والإيمان، كان خشبياً مصنوعاً لا حياة فيه.
ثم لا يسع المؤلف في السيرة صرف النظر عن البيئة التي كان فيها وجودها وقيامها، وعن العصر الذي كان فيه طلوعها وبزوغها، فلا بد من وصف الجاهلية العالمية، الضاربة أطنابها في الأرض كلها في القرن السادس المسيحي.
والله أسأل أن ينفع بهذا الكتاب، وأن يتقبله تقبلاً حسناً وأن يجعله ذخراً للآخرة، ووسيلة لدراسة هذه السيرة الطاهرة، والاستزادة منها، والانتفاع بها، وكفى للمؤلف شكراً، وللكتاب قيمة إذا أثار كامن الحب والإيمان في نفس المؤمن، وانجذاباً في قلب أحد من غير المسلمين إلى هذه السيرة الطاهرة العطرة، حملته على دراسة الإسلام وتفهمه.
أبوالحسن علي الحسني الندوي (رحمه الله)
seeratun-nabiwiyya