المدخل إلى الدراسات القرآنية
October 21, 2017المرتضى
October 21, 2017هذه الرسالة “المد والجزر في تاريخ الإسلام” من الرسائل الصغيرة النافعة القيمة، التي خطتها براعة ذلك الكاتب المفضال والداعية الكبيرة. وهي رسالة تحدث فيها بإيجاز عن حال العرب قبل الإسلام وشهادة الناس به في ذلك الزمان، ثم بين التغير الكبير الذي جرى لأمة العرب بعد أن حملت رسالة الإسلام، وكيف أن هذه الأمة انطلقت تحمل رسالتها لأهل الأرض، وتدعو الناس إليها، وتحطم من بين ظهراني البشرية صروح الظلم والبغي، ثم تحدث المؤلف عن اللغز هو ذلك الفتح الإسلامي الكبير السريع، وإسقاط ممالك الظلم ونقل الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله ومن جوز الأديان إلى عدل الإسلام، وختم هذه النقطة من بحثه بنظرة تحليلية علمية في هذا اللغز، مبيناً أن سره هو الإيمان الذي أكرم الله به هذه الأمة والذي كان ولا يزال المنبع الحقيقي لقوتها، واستشهد هنا بأقوال عدد من عقلاء الناس ممن فطنوا لهذا السر في قوة العرب. وبعدها تحدث المؤلف بحسرة ومرارة عما جرى لهذه الأمة حيث نسيت دينها، وبين أحوالها السيئة في القرون الأخيرة، ووصف جيل المسلمين منذ مطلع القرن الرابع عشر الهجري فقال:
كان نتيجة هذا كله أن ظهر جيل في المسلمين: متنور الذهن ولكن مظلم الروح، أجوف القلب، ضعيف الإرادة والخلق، يبيع دينه بدنياه، وآجله بعاجله، ويبيع أمته وبلاده بمنافعه الشخصية، وبجاه وعزة وهمية، ضعيف الثقة بنفسه وبأمته، عظيم الاتكال، كثير الاستناد إلى غيره: ( وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم، وإن يقولوا تسمع لقولهم، كأنهم خشب مسندة، يحسبون كل صيحة عليهم ).
وأظهر المؤلف الجليل كيف ظهر أثر هذا الجيل السيء في أمتنا في شر مظهر له في فلسطين، التي كانت نكبتها فضيحة للأمة في هذا القرن الرابع عشر الهجري، ثم ختم رسالته بهذه الخاتمة التي تعتبر تلخيصاً قوياً واضحاً لموضوعها وفكرتها والمقصود منها، فقال: ( لقد ثبت مما ذكرناه في هذه الرسالة، ومما سردناه من الأمثلة والأخبار، وشهادات التاريخ ومشاهدات هذا العصر ـ وما حرب فلسطين منا ببعيد ـ أن المد والجزر في الإيمان وقوة معنوياتهم التي تنبثق من الدين، وأن منبع قوة هذه الأمة في باطنها، وهو القلب والروح فإذا عمر القلب بالإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر، وتزكت الروح بتعاليم الدين والأخلاق الإسلامية، وجاش الصدر بالحمية الدينية جيشان المرجل، وأخذ المسلمون عدتهم من القوة المادية وأعدو للعدو ما استطاعوا.
ندعو الله سبحانه ونرجوه أن ينفع بهذه الرسالة النفع العميم، فيفهم المسلمون الحقيقة الكبرى التي تحدثت عنها، ويؤمنون بها ويجعلون همهم تطبيقها وترجمتها إلى واقع عملي
almadu-wal-jazar