التفسير السياسي للإسلام في مرآة كتابات الأستاذ —-

الصراع بين الفكرة الإسلامية والفكرة الغربية | assiraa bainal fikratil islamiya wal fikratil garbiyah
الصراع بين الفكرة الإسلامية والفكرة الغربية —–
October 21, 2017
الطريق إلى السعادة والقيادة للدول والمجتمعات | attareeq ilas saadah wal qiyadah
الطريق إلى السعادة والقيادة للدول والمجتمعات —
October 21, 2017
Show all

في مرآة كتابات الأستاذ أبي الأعلى المودودي والشهيد سيد قطب
إن الإسلام دين الله الأخير، الذي يتكفل بهداية البشرية إلى يوم يرث الله الأرض من عليها، وعليه تتوقف نجدتها وخلاصها، وصلاحها وفلاحها، فلا بد ـ اذن ـ أن يبقى إلى يوم القيامة، يوجهها في دينها ودنياها، وينير لها الطريق فيما يتصل بأولاها وآخرها، ومن ثم جاءت عقائده وحقائقه مقررة لا تتغير، وشرائعه وأحكامه وقوانينه مستوفاة لا تقبل للنسخ والتعديل، و لم تكن شريعته وحدها منزلة من الله، بل ان حضارته هي الأخرى تقوم على الحقائق الأبدية الخالدة، حقيقة لا تحتاج إلى التقرير.
ولكن هناك حقيقة أخرى، وذلك من محاسنها، ولبس من مساويها، وليس ذلك شذوذاً عن القطرة، وانما هو اقتضاء الفطرة، فهي تنتقل من طور إلى طور، ومن لون إلى لون، لأنها دائمة الشباب والنشاط.
فكل شيء في الحياة يتغير، تتغير اللغات واللهجات، وتتغير أساليب البيان والتعبير، ومناهج البحث والتفكير، وتتغير الأسباب التي تثير القلق النفسي والاضطراب الداخلي، وتتغير الوسائل التي تقاوم هذا القلق والاضطراب، وتتغير أوضاع التساؤلات التي تثور في النفوس البشرية، كما تتغير أوضاع الإجابات عليها.
فالمخلصون الذين قاموا بهذه المسئولية الجليلة، مسئولية العرض الجديد للشريعة الإسلامية عبر العصور الإسلامية، يستحقون كل تقدير واعتراف وشكر ودعاء، منا ومن الأجيال المتلاحقة، حيث تفادوا بهذه الأمة من أن تقع فريسة الصراع بين الدين والعلم، والحروب الدموية الحمراء، التي تأججت نارها واشتد أحوارها بين المعسكرين المتنفسين ـ الديني والعلمي ـ في القرون الوسطى في العالم المسيحي، مما اضطر العالم الأمريكي “داربر” أن يضع كتابه الشهير “الصراع بين الدين والعلم”.
وقد استقبل هؤلاء المفكرون والمجددون بدورهم هذه “المحاسبة العلمية” والمراقبة الدينية المخلصة ـ في أغلب الأحيان ـ في سرور وانشراح صدر، وتلقوها بالقبول والشكر، وعنوا بها عناية جديدة، واستفادوا منها في عملهم فجعلوه أنفع وأجدى، وأعدل وأكثر خيراً للأمة المسلمة وللبشرية جمعاء، وظهو هذين النوعين من العلماء ظل مستمراً ومتصلاً منذ فجر التاريخ الإسلامي ، وسيظل إلى يوم القيامة، كما ينبئ به الحديث النبوي الذي رواه البيهقي: “يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين”.
أما “الجماعة الإسلامية” فهي أولى بالعمل بهذا المبدأ فدستورها الأساسي ينص على ذلك فيقول: ” لا يعتبرن ـ أحد ـ أحداً معياراً للحق، إلا رسول الله 
ولا يظنه أعلى من أن يناله أحد بالنقد أو يجد فيه مأخذا، ولا يسوغ لأحد أن يخضع لآخر عقلياً وفكرياً، بل يجب عليه أن يقيس كل إنسان هذا المقياس الإلهي الكامل، ويضعه بعد القياس والوزن في مكانه الذي يستحقه”.
وهذا الكتاب الذي بين يديكم، محاولة متواضعة في هذا الاتجاه الذي ساره الاستاذ أبو الأعلى، ومعذرة، فلا يطبق قانون “اتجاه واحد” الذي يعمل به في تنظيم حركة المرور، على النقد العلمي والبحث عن الأصلح الأنفع، وعرض حصيلة الدراسات، وعصارة التفكير، ولوطبق هذا القانون على عالم التفكير والتأليف لشل الذهن الإنساني، وتعطلت الحركة العلمية، ووقف سير الإصلاح والتجديد والموافاة بالمفيد الجديد، إلى الأمة التي هي كشجرة طيبة أصلها ثابت، وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها.    والله يقول الحق وهو يهدى السبيل.

Download Book

at-tafseerus-siyasi-lil-islam-tafseer